تواجه الجزائر تحديات كبيرة لحماية ثروتها الغابية والبشرية وتماسك وحدتها الوطنية. فقد شهدت البلاد منذ أيام موجة عارمة من الحر والحرائق في الأقاليم الغابية والبرية وذلك على امتداد أكثر من عشرين ولاي.
تعتبر هذه السلسلة من الحرائق أخطر كارثة واجهتها البلاد، مكتسحة بذلك الأخضر واليابس مؤثرة على الغطاء الغابي و الحياة البرية، والمحاصيل الزراعية، والثروة الحيوانية.
فمنذ أيام معدودة أتت ألسنة اللهب على مدن وقرى ومداشر عدة، ولم تكتف بالقضاء على مصدر عيشهم، بل أزهقت أرواحهم مثنى وثلاث ورباع. وحصيلة الضحايا والمنكوبين آيلة للإرتفاع.
في إطار الحفاظ على التوازن الأيكولولجي، باتت المديرية العامة للغابات الجزائرية مطالبة بحشد وتسخير مصالح الحماية المدنية وفرقها وأجهزتها للتدخل السريع والاستعداد لحالات الطوارئ، كما أصبح من الضروري التزود بمختلف العتاد والوسائل التكنولوجية الممكنة من “درون” لمراقبة الحرائق، واقتناء طائرات قاذفة للمياه وشاحنات مصهرجة للتدخل الأولي في إطار التصدي ومحاربة شبح الحرائق.
كلما اشتعلت الغابات، تعالت أصوات من هنا وهناك من جهات رسمية ومن عامة الشعب حول احتمال أن هذه الحرائق ليست نتاجا للتغير المناخي أو الاحتباس الحراري، بل هي مفتعلة ومنسوبة إلى العنصر البشري وبفعل فاعل، مستنتجة أن هذه الظاهرة راجعة إلى خطة إرهابية.
كما أشرنا سابقا إلى عجز الجهات المختصة في اخماد الحرائق بل والسيطرة عليها، استنجدت السلطات بعناصر من الجيش الوطني، هذا ولم يتوانى المدنيون والشباب الجزائري في تقديم يد العون ومساعدة المنكوبين والجرحى، وتزويدهم بالمؤونة والأدوية.
جمال بن اسماعيل؛ القادم من مسقط رأسه بمليانة كان من بين ثلة الشباب التي هرعت إلى مساعدة المتضررين في بلدية لأربعاء نايث إيراثن بتيزي وزو، وثقت تصريحاته بتضامنه مع أبناء المنطقة صباحا وقبض عليه مساء كمشتبه فيه في إضرام النيران.
ألقت الشرطة القبض عليه استنادا إلى أقوال بعض الشهود المزعومين، لكن الشرطة لم تستطع حمايته و إيصاله سالما إلى مركز الشرطة وذلك بسبب الحشود الكبيرة المتوافدة إلى عين المكان، حيث انقضت عليه مجموعة من الوحوش البلطجية قدرت بمئات الأفراد.
وحدث الذي لم يكن في الحسبان، طعن جمال ثم صبوا عليه جام غضبهم ضربا وجلدا، ثم أضرموا النار في جسده، مات حرقا، ونكلوا بجثته، لينتهي بهم الأمر آخذين سلفي مع ما تبقى من هيكله.
نزلت صوره وفيديوهاته كالصاعقة على كل الجزائر، في حدث غير مسبوق من نوعه. معيدة بذلك فتح باب التوتر والحساسية.
هذا وقد طالب جلَّ الجزائريون بمعاقبة كل المتسببين والمشاركين في قتل وحرق جمال.
كما أكد والده على الشعب الجزائريّ ترك العدالة تأخذ مجراها، ودعاهم بعدم الخوض في تجاذبات وصراعات قد تؤدي إلى خلق الفتنة بين أبناء بلد واحد.
شاءت الأقدار والظروف أن يكون جمال إبن يطفئ نار غابة، ونور الدين أب يخمد نار فتنة، كادت تدخل البلاد في سنوات مفتوحة من اللاإستقرار والعنف ودوامة من التعصب والكراهية، في نسخة أخرى شبيهة بسابقتها من القرن الماضي.
بعد الحادثة الشنيعة التي هزت أركان البلاد، قبض الأمن الجزائري على ستة وثلاثين مشتبه به، فيما يجري البحث عن بقية المتهمين الهاربين. وعرضت شهادات حية لاعترافات بعض الموقوفين خلال ندوة صحفية، وتم إدانتهم بتهم الحرق والتنكيل والاعتداء على مقر الامن .
هذا وقد أعلن الجهاز الأمني مواصلة التحقيقات فيما لم يتوصل بعد إلى كشف الجهات التابعة لهاته المجموعة الاجرامية.
من إعداد : سارة.د