الجزائرالعالمالهضاب el hidhab tv

الهجرة غير شرعية في الجزائر بين التصاعد…و النزول

تعد الهجرة غير الشرعية أحد الطرق التي يعمد إليها الفرد للهروب من مجتمعه إلى مجتمع  يحظى فيه بميزات اجتماعية و اقتصادية و حتى أمنية أرقى ،فهي تشكل نوعا من الانسحاب و التمرد. و تعد الجزائر معبرا للمهاجرين غير النظاميين الوافدين عليها من بؤرة النزاعات المسلحة والفقر و المجاعات في منطقة الساحل الافريقي تحديدا غير ان الاوضاع بدأت تنقلب تدريجا، لتتحول الجزائر الى مصدر تهديد  للضفة الاوروبيةحتى أضحى الملف محور مباحثات ثابت على طاولة المفاوضات مع ضيوفها الأوروبيين.

ومما زاد من تفاقم هذه الظاهرة ما مرت به الجزائر من تحولات على الصعيد السياسي و الامني و الذي جعل المجتمع و خاصة فئة الشباب تبحث عن الطرق السهلة و الربح الوفير و الذي وجد في الهجرة إلى أوروبا وجهته التي تحقق له ذلك، حيث يسعى بكل الوسائل و الطرق غير المشروعة لتحقيق ذلك حتى ولو كان في ذلك هلاكه.

وعليه لا يمكننا أن نحدد تاريخا  لبداية هذه الظاهرة نظرا لطبيعتها، التي تتسم بأنها سرية وغير قانونية ، ورغم أن الجزائر عرفت الهجرة الجماعية عبر قوارب الموت بداية من التسعينات وتفاقمت بداية من 2005،  إلا أن هنـاك واقعـة تؤكد أن الجزائر عرفت إحدى أشكال الهجرة غير الشرعية ( الحرا ـڤة ) والمنتشرة اليـوم في الموانئ ، حيث مارسها فقراء الجزائر منذ عشرات السنين عندما أثقل كاهلهم  الفقر والبؤس وتحديدا في سنة 1926، حين ركب أربعون شخصا في باخرة سيدي فرج إلى ميناء مرسيليا وتم إدخالهم داخل مخازن الفحم في السفينة حتى لا يشعر بهم أحد مـن طاقم السفينة الفرنسية.

واستنادا الى ما سبق، بلغة الأرقام الرسمية،  حسب الحصيلة العملياتية للجيش عن إحباط محاولة هجرة لـ1723 شخصا، وإنقاذ 25 آخرين من الغرق، وانتشال 8 جثث، خلال النصف الأول من العام الفارط .في حين تمكن حرس السواحل في الفترة من 20 إلى 25 سبتمبر/أيلول الفائت من اعتراض وإنقاذ 755 شخصا حاولوا الإبحار بطريقة غير شرعية، كما تم انتشال 3 غرقى بعد انقلاب قواربهم، وفق بيان لوزارة الدفاع.

أما المفارقة الملفتة فهي أن مؤشرات هذه الهجرة تصاعدت خلال 2020، بعد أن تراجعت في أعقاب حراك 22 فبراير/شباط 2019، إذ لم تسجل حالات جديدة خلال الأشهر الأولى من المظاهرات الأسبوعية، على الأقل وفق البلاغات الرسمية، وما ظهر على تفاعلات التواصل الاجتماعي، وهو ما طرح فرضيات حول علاقة الظاهرة بمخرجات الحراك.

ومن وجهة نظر المختصين، فيرى أستاذ علم الاجتماع الثقافي بجامعة الجزائر يوسف حنطابلي عبر تصريح له في قناة الجزيرة ” أن الهجرة غير النظامية ظاهرة إنسانية تحركها أسباب تأخذ أبعادا اجتماعية متجلية في بلد الانطلاق، وتتواصل إلى بلد الوصول، إن حصل ذلك أصلاً، وهي مؤشر ثقيل يعطي صورة حقيقية عن معاناة قطاع كبير من الشباب الجزائري من أوضاع اقتصادية، تمثّل المستوى الأكثر ارتباطا بهذه الظاهرة”.

وما اتضح في الجزائر مؤخرا -حسب حنطابلي- هو أن “ارتفاع محاولات الهجرة غير النظامية يجد معناه في أن الحراك رفع سقف الطموح عاليا لدى الشباب في تحقيق تغيير جذري يحسّن أوضاعهم الخاصة، حيث كانت وتيرته سريعة مقابل حلول وفتح أفق التغيير بوتيرة أضعف، وفق تصور غير واضح”.

ويعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي” نور الدين بكيس” أن الهجرة الغير النظامية أحد أهم الأعراض لأزمة خانقة تعيشها الجزائر منذ عشرات السنين، وهي ظاهرة كاشفة لعجز منظومة إدارة مجتمع بكاملها من مستواها السياسي إلى مستواها الأخلاقي.

وساد الاعتقاد بان ظاهرة الهجرة ترتبط عادة بنفسية المجتمع، فكلما ارتفع مستوى الإحباط تنامت أعداد المقبلين على الهجرة ، حيث تراجعت ظاهرة الهجرة في فترة الحراك على امل التغير لكن سرعان ما تصاعدت الهجرة مجددا كرد فعل طبيعي على عودة الفساد و عدم تحقيق مطالب الحراك

كما ان التأزم الاقتصادي جراء جائحة كورونا الى جانب تضييق حريات الممارسين من قبل السلطة اكد للشعب على ضرورة العودة الى الهجرة الغير نظامية رغم ادراك خطورتها على حد تعبير العالم الديمغرافي الفريد صوفي ” اما ان ترحل الثروات حيث يوجد البشر واما ان يرحل البشر حيث توجد الثروات “

                                                               عثماني مروة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى