الجزائرالهضاب el hidhab tvمجتمع

تمثلات الغزو الثقافي في المجتمع ,,, سلاح فتاك لهدم القيم والثوابت

في خضم التطورات الحاصلة والمتسارعة في مجال تكنولوجيا الاعلام والاتصال ، هذه الأخيرة التي أفرزت خصائص تكنولوجية تمثلت في بروز شبكات التواصل الاجتماعي التي تتيح آفاقا وخوارزميات مستحدثة للمستخدم في خلق فضاء افتراضي للتعبير الحر في طرح أفكاره وإبداء آراءه لمعالجة مختلف الايديولوجيات والقضايا التي تخص الشأن الاجتماعي في شتى المجالات ، وفي ظل اللاتزامنية واللاجماهيرية التي تتيحها هذه الوسائط والفضاءات، اجتاحت الحدود الجغرافية وصار الكون كله يساهم في الترويج لأفكار وقيم وأعراف وتقاليد مجتمعه وعرقه دونما مراعاة الضوابط الأخلاقية والتربوية والسلوكية والنفسية ، لتصل هذه الممارسات إلى عالم السينما و الأفلام أين أسهمت الدول الغربية على  ترويج  ثقافاتها بشتى المظاهر والأنماط في صيغة منتجات سينمائية تمس بالقيم والأخلاق التي تضرب في عمق الثوابت الإسلامية في المنطقة العربية ، ما ترتب عنها تغير راديكالي في نمطية العيش في البيئة الاجتماعية للمجتمعات العربية والإسلامية .

الغزو الثقافي والصناعة السينمائية سلاح فتاك منتهج من قبل كبار المنتجين في العالم الغربي التي تسعى بشتى الطرق والأساليب على التأثير في الجماهير العربية لتبني ثقافتها والسير على خطى الثقافة الهوليودية ، في سابق الأمر كانت هذه الصناعات السينمائية تبث عبر الشاشات التلفزيونية غير أنه لم يكن لها تأثير كاف على المشاهدين نظرا لعدم إقبال الجمهور العربي على الشاشات الغربية ، ومع التطور الحاصل في مجال التكنولوجيا والإعلام توجه رواد السينما الغربية إلى تبني استراتيجية محكمة لترويج صناعاتها على مستوى الوسائط الافتراضية ومواقع الأفلام السينمائية التي تطرح للمشاهدين صيروة التفاعل  بما فيها فما كان لها مجال سوى الاستئناس بمواقع التواصل الاجتماعي خاصة تطبيق التيك توك الذي فرغ الشبيبة العربية من محتواه .

نظرية الغرس ومعايير الصناعة الثقافية

كلما كانت نسبة المشاهدة أكبر …  كلما كانت شدة التأثير أكثر يركز رواد الصناعة السينمائية على إضفاء المؤثرات الصوتية …. العواطف و الخيال…. الحركات ….. عالم 3D معايير جذب المشاهد العربيهذه العوامل تساهم في بناء جيل حضاري ترسم في ذهنه صورة ذهنية نمطية تجعله يعجل في طرد عاداته وتقاليده وتقبله ثقافة الغير لا إراديا ، حيث يقبل على سلوكات و تصرفات دخيلة تغير في نمط لباسه وأكله وشربه ولغته… إذ يسعى القائمين على هذه الصناعة من منتجين ومخرجين على إضفاء جماليات شكلية وصوتية خيالية بطريقة احترافية و أكثر إبداعية ،حتى يتسنى لها جذب المشاهد والتحكم فيه من خلال إحداث تنويم مغناطيسي له تجعله يبحر في عالم السينما الخيالية  ومن ثمة ترجمتها على الواقع الفعلي ، والأدهى والأمر أن  كثافة المشاهدة وشدة الإدمان بهذه الصناعات تودي به نحو معادلة عكسية تتجلى في عدم قبول الواقع الفعلي والتعايش مع واقع افتراضي وهمي وكأنه الواقع الحقيقي.

الغزو الثقافي … تشكيك في الأنا والهوية الثقافية

وخير نموذجا التجربة الجزائرية وإرهاصاتها الواقعية …. يمكن القول بأن الصناعة الغربية نجحت نسبيا في اسقاط استراتيجيتها المتعلقة بالغزو الثقافي على الجمهور الجزائري خاصة زمرة الشباب حيث تبين من خلال البيئة الاجتماعية للواقع المعاش في الجزائر أن الصناعة الثقافية الغربية نجحت في التأثير عليهم نتاج شدة التفاعل الرهيب مع محتوياتها لا سيما فئة الشباب التي صارت تقلد كبار السينمائيين والأبطال تقليدا أعمى لسلوكياتهم وتصرفاتهم ولغتهم ، دون العلم بأن ذلك بالواقع المقلد هو واقع وهمي خيالي يعكس واقع فعلي لثقافة دخيلة عن المجتمع الجزائري ،  ما يترتب عنه هجرة المشاهد لثقافته وعاداته وتقاليده  تجعله يشكك في أناه وهويته الثقافية ، ويشكك في انتمائه وعرقيته ، فيقول من أنا ؟؟؟  ومن ثمة تغزو الثقافة الغربية على الفرد والمشاهد الجزائري على شخصيته وعرقيته وانتمائه وإسلاميته بالكامل وفق بروباغنادا دعائية خديعة مدبرة سلفا .

وتبقى هذه الظاهرة سلاح فتاك يهدد الفرد بنسيجه الأسري وكيانه الاجتماعي، وهي مؤشر خطير لاندثار القيم والعادات والقيم الأخلاقية والتربوية وحتى الدينية منها فهي تقصد ضمنيا الاسهام  في انحلال الوازع الديني وضرب المعالم الإسلامية.   

نصر الدين. مهداوي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button