بناء قديم يتحدى الزمن تأسرك روعاته يشد إنتباه الناظرين إليه ،يهتدي به الصيادون في تنقلاتهم البحرية، إنه الضريح الملكي الموريتاني الواقع بمنطقة سيدي راشد بولاية تيبازة حيث يأخذك هذا الأخير إلى الغوص في خلجات التاريخ والخوض في أقاصي الذاكرة تعود قصة بناء هذا القبر الذي يعد معلما تاريخيا والذي صنف ضمن التراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو إلى الرواية الاكثر تداولا وهي أن الملكة كليوباترا المبجلة فارقت الحياة فجأة وتحطم العرش وهوى الملك على يد الرومان فما لسيلينا أن تعيش بلا تاج بلا حكم وتستطيع تحمل رياح الدل ولم تطق ذهاب مجدها وعزها فقررت الفرار فركبت أموج البحر.
و التي رمت بها إلى الجزائر ووضعت قدميها على شاطئ شرشال لتطأ أرض الجزائر حيث كان الحب في انتظارها ليخطف قلبها فإلتقت بالملك “الزعيم يوبا ” ليكللها بتاج مرصع بالحب والأمان وجمعتهما قصة الحب لتبقى مخلدة مدى الأزمان وليبقى القبر الذي شيده يوبا لها زوجها المحب حبا صامدا خالدا قد سطر في كتب التاريخ ليبقى القبر راسخا يقاوم قساوة الطبيعة وطمس الإنسان ولتبقى قصة حبهما عبرة لكل عاشق ولهان.
وإن ما يميز هذا الضريح الذي يبقى شاهد على عظمة الإنسان القديم وما بمقدوره فعله من أشكال هندسية قد جمعت الصخور وبنيت بأشكال متساوية ليكون معلما مثاليا، حيث أن ما أثار حيرتي هو لونه الذي يتغير حسب الفصول وحسب ساعات النهار فهو ثارة يميل إلى الاصفرار وتارة أخرى يأخد لون رمادي وتعلوه زرقة عندما يحيط به الضباب وعلى الطريق المؤدي من الجزائر العاصمة إلى شرشال يشد إنتباهك من بعيد هذا الأخير والذي يخيل لمن يشاهده أنه خلية نحل عظيمة أو كومة تبن ضخمة ومن يدنو إليه ويحدو صوبه يشعر بعظمة هيكله وجمال تصميمه وروعة تفاصيله .
هذا القبر الذي شكله دائري يبلغ محيطه 185,5موقطره 60,9م وعلوه 32,4م ويتراءى لدى الزائر قبو ضخم على شكل أسطواني ذي صفائح يعلوه مخروط مدرج ويتربع هذا الشكل الهندسي على قاعدة مربعة يبلغ طول ضلعها 63,40 كانت في الزمن الغابر معبد ويتكون القبر من أربع صفائح حجرية قد نقش على أسطحها رسم يشبه الصليب .
حيث إعتقد بعض الباحثين في الآثار أنه مبنى مسيحي ومنه جاء اسم “قبر الرومية ” المأخود من مفردة “الرومي” العربي أي البيزنطي أو الروماني لكن علماء الآثار أكدوا أنه لاصلة له بالمسيحية ،وأشير إلى أن هذا المعلم يحيط به مطعم يستقبل الكثير من السياح ويقدم خدمات راقية كما أن الدخول إليه يتطلب مبلغ رمزي وعند حديثي لأحد رجال الأمن هناك أشار لي إلى نقطة مهمة ألا وهي أن الزوار يقومون بالكتابة على صخور المعلم مما يؤثر عليه وأن ما زاد هذا الضريح جمالا هو الأشجار المحيطة به حيث تمنحك نسيم عليل وتنعشك وعندما ذهبت إليه سافرت بمخيلتي إلى زمن غابر مضى وأدركت أن الحب القوي سيخلد ويبقى ولو على أسفح قبر لأن من يقف عليه سيشعر بعظمة الحب المنقوش على تلك الصخور.
أمال قشيشد