سعى الناس لآلاف السنين لإيجاد طرائق لهزيمة الأمراض والقضاء عليها، طرائق تنوعت مابين تعاويذ وطلاسم وعلاجات عشبية، وصولا للمضادات الحيوية وزراعة الأعضاء. فمنذ القدم كان الإنسان يكافح من أجل بقائه، للبرء من دائه و التخلص من آلامه، وكان هذا بدافع غريزة الشفاء التي لازمته منذ خلقه.
ما يثير الدهشة ويبعث على الإعجاب، هو أن الكثير من الأمراض كانت تعالج من قبل البدائيين كانت تعالج بطقوس غريبة، حيث خيل لهم السذج واعتقدوا بأن المرض عبارة عن قوى غريبة و أرواح شريرة في جسد المريض أو لنقمة من الآلهة، لذلك اعتقدوا بجدوى ترديد عبارات السحر للشفاء من المرض والتمائم للوقاية منه.فقد كانوا يرتكزون على مبدأ العلاج بقوة الإيحاء، إلا أن أفاعيل البدائيين كانت أقرب إلى الأساليب المسرحية، إذ كانوا يحاولون طرد الروح الشريرة بتخويفها بما كانوا يلبسونه من أقنعة مفزعة وبما كانوا يغطون به أجسادهم من جلود الحيوانات المخيفة، وبصياحهم، وهذيانهم، وبمحاولة امتصاص الشيطان العليل بواسطة أنبوبة مجوفة.
ولكن إلى جانب ذلك استطاع الإنسان البدائي عن طريق الملاحظة والتأمل، اكتساب خبرة عملية بطرق العلاج المفيدة، ودراية بخصائص النباتات والأعشاب الطبية. فقد استطاع الإنسان البدائي أن يدرك أسرار الطبيعة ويصوغ شيئا من قوانيها، في إطار الصراع من أجل البقاء فقد كان في مقدوره أن يميز بين النبات السام والنبات الصالح، وكان قادرا على استخدام الأعشاب استخداما جيد في معالجة أمراضه.
فقد كانوا يستعملون الأعشاب الطبية ويلجأون إلى صنوف من المخدرات المنومة لتخفيف الألم وتحمل الجراحات، بالإضافة غلى ذلك فقد مارسوا التربنة أي ثقب الجماجم بمهارة فائقة، ولاسيما أيضا تقليل الكسور بينما كانت الجراحة تنتهي بالموت في كل الحالات . واكتشف الإنسان الخواص العلاجية لينابيع المياه المعدنية بعد أن لاحظ ارتياد الحيوانات لها بدافع من غريزتها للاستحمام في مياهها و الاستفادة من خواصها الشافية لبعض الأمراض.
ثم تطورت الأساليب شيئا فشيئا إلى أن وصلت الى ما نحن عليه اليوم، فقد نبتسم لجهل البدائين، بينما نستسلم راضين عن الطرق الحديثة الباهظة التي نشهدها، وعلى الرغم من أن البشر بشكل عام استغرقوا آلاف السنين ليقتنعوا بأن الأرواح الشريرة بريئة من الأمراض التي تصيبهم، وبأن السحر لن يجدي نفعا في علاج الأمراض فإنهم استطاعوا تطويرأسس طبية تعتبر مذهلة مقارنة بالإمكانات المحدودة التي يتمتعون بها .
بوتفاحة شيراز حسناء