مع فتح المجال الإعلامي وبعد سنوات عديدة من الكفاح والنضال من أجل حرية التعبير وحرية الصحافة، أصبحت الصحافة مهنة في تطور مستمر، بفضل ثورة الإنترنت وظهور 8 وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، فيسبوك، انستغرام، ويوتيوب، وغيرها من المنصات الرقمية.
بوجود الصحف الرقمية في المشهد الإعلامي، يتمتع المستهلك أو الجمهور بوصول سريع وفعال إلى معلومات موثوقة للغاية. على الرغم من أنه قد “فقد” قليلاً دوره كمعلوماتي ووسيط، فإن الصحفي اليوم يظل المصدر الرسمي أمام شبكات التواصل الاجتماعي ، و شهد عالم المعلومات تحولاً كبيراً بفعل تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث لم تعد وسائل الإعلام التقليدية قادرة على إقناع قرائها ومستمعيها .
وعلى الرغم من أن بعض المعلومات تستمد من وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن ظهور “الأخبار المزيفة” جعل الشبكات الاجتماعية غير رسمية.
بفضل التكنولوجيا، ُتستخدم العديد من المنصات الرقمية لتبادل المعلومات في مجالات متعددة، بما في ذلك الأخبار والأدب والرياضة والثقافة، حيث يتلقى المواطن المعلومات بطريقة مباشرة وفورية. فالسلاح الوحيد للصحفي اليوم هو النزاهة وطريقة معالجة المعلومات، خاصة فيما يتعلق بالموضوعية والسرعة، لأن المستمع أو المشترك يطلب المزيد والمزيد من المعلومات المهمة، خاصة تلك المتعلقة بحياته اليومية الاجتماعية والبيئية.
مع ظهور العديد من الصحف ووسائل الإعلام، يواجه القارئ تنوعًا في الاختيار وأيضًا طريقة استقبال المعلومات، لأنه على الرغم من وجود جميع هذه الوسائل الرقمية، فإن الصحفي يظل أساسيًا في معالجة المعلومات ونشرها والتحقق من صحتها.
اهتمام الحكومة بوسائل الإعلام، وبالأخص الصحافة الإلكترونية
تولي الحكومة اهتمامًا خاصًا لوسائل الإعلام الوطنية ، وخاصة الصحافة الإلكترونية، من خلال تكثيف اللقاءات مع مديري الصحف الوطنية، وخصوصاً خلال الإجتماعات االتي عقدت وزير من طرف وزراء الإتصال، حيث دعو مسؤولي الصحف إلى “الانتقال نحو الإعلام الرقمي” و أن “الدولة بحاجة إلى صحافة وطنية قوية لأنها تعتبر مرآتها” ويؤكدآ أيضًا “الاهتمام الخاص لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للصحافة الإلكترونية، حيث يستمع إلى مشاكلها ويعيد دعوته للمحررين الوطنيين لـ”مضاعفة الجهود من أجل ‘تأسيس صحافة وطنية متوازنة، تخدم مصالح البلاد.
التكوين واللقاءات الدولية
يُنظَّم كل عام أبحاثٌ وندوات ولقاءات دولية في جميع أنحاء العالم من قبل باحثين متخصصين في علوم المعلومات والاتصالات حول تطور الإنترنت في العالم والتحول الرقمي الذي شهدته السنوات الأخيرة في مجال المعلومات .
على غرار جامعة تولون التي تنظم مؤتمرات دولية، والذي يُعقَد كل عامين، يتم إصدار العديد من الكتب عن هذا المؤتمر، تتناول البحث الصحفي والمعلومات والاتصالات. يمكن ذكر من بينها “نحو ثقافة ميدياتيك” و “وسائل الإعلام والصحافة والمساحة العامة في مواجهة الترقيم”، بإشراف نيكولا بيليسيه وإيليز ماس “الفن والإبداع في عدسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”، بإشراف ميلاني بوردا، جوليا بوناكورسي ودانيال رايشفارج، و”التعليم الرقمي والتعلم التحديات الاتصالية”، بإشراف لوران كولير وكارستن فيلهلم، هما من بين الكتب المنبثقة عن هذه اللقاءات. وهناك العديد من الكتب الأخرى.
استخدام الإنترنت والوسائط الرقمية يشكل تحديًا كبيرًا للصحفي، لذا من الضروري بالنسبة له أن يتدرب ويتبع الطرق الجديدة في تقديم المعلومات الرقمية، ولهذا الغرض،عدة مجلات وصحف فرنسية تموِّل دراسات متخصصة في مجال المعلومات والاتصال، مثل المجلة الفرنسية “ريزو”
الصحف التقليدية في طريقها إلى الاندثار
منذ ظهور منصات وجرائد الإعلام الرقمية، توشك الصحافة التقليدية على الاندثار. يعاني العديد من الصحف من أزمات مالية في جميع أنحاء العالم. في الولايات المتحدة، يتوقع بعض الخبراء انقراضها بحلول عام 2040، خاصة في كندا، كتب الكاتب والروائي الأمريكي فيليب ماير،على الرغم من توفر صحف بعضها مجاناً، إلا أن القراء أقل بكثير مقارنة بالسنوات السابقة..
في فرنسا، اختفت الصحف الأقدم والتاريخية من ألأكشاك،”فرانس سوار” و ” لتريبون” و الجريدة الإقتصادية الناطقة بالألمانية، كلهم تخلوا عن النسخة الورقية لصالح الرقمية.
في كندا، مع ظهور الإنترنت والثورة الرقمية، يصف الخبراء كلمة “الاختفاء” بـالتحول، حيث تمر الصحافة المطبوعة بفترات من التحولات الجذرية في مقارنة مع ما عاشته الراديوهات مع ظهور التلفزيون. بعد الراديو والتلفزيون اللذين، في نظر المواطنين، متاحان للجميع، أضيف إلى ذلك، ظاهرة الحرية في المترو، وهي ظاهرة عالمية، على الرغم من وجودها من قبل، اين كانت المجلات الأسبوعية والمجلات المتخصصة، على وجه الخصوص، توزع مجانًا، مما أدى إلى وضع ضغط على الصحف اليومية لأن القارئ أو الجمهور قد اعتاد قراءة المحتوى مجانً.
كوفيد 19 وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي
جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم في عام 2019 كان لها تأثير مدمر على عدة قطاعات، بما في ذلك وسائل الإعلام، حيث اضطرت العديد من الشركات إلى تقليص نفقاتها، بما في ذلك الصحف التقليدية التي تعتمد بشكل رئيسي على إيرادات الإعلانات و مع القيود الصحية والإغلاقات، انخفضت المبيعات بشكل كبير، مما أدى إلى تقليص العمالة وفصل الصحفيين لمواجهة الأزمة الصحية. بينما الاكثر تضرر بااجائحة ،حيث أدت إلى تقديم إفلاس الشركات وإغلاقها تمامًا. وتعتبر الصحفيين المحليين من بين الأكثر تأثرًا خاصة مع اعتماد العمل عن بعد، وتأثرهم بشدة بالأزمة خاصة في عام 2020 حيث سجلت آلاف الإقالات في العالم، في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وفي عدة دول أخرى..
الإنتقال الى الجرائد الرقمية، تسبب في إلغاء العديد من الوظائف غير المباشرة أيضًا، مثل حملة الجرائد، وأصحاب الأكشاك والبائعين، بالإضافة إلى انخفاض المبيعات، توقفت هذه المطابع تمامًا
ما نقوله اليوم، الإنترنت قد احدث وابهر العالم لفترة زمنية فهل سيصبح يومًا ما قديمًا؟ ولكن هذا موضوع آخر والسؤال ما زال مطروحًا…
مهداوي إيدير