أرهب كيميائي الثورة المجيدة، طالب عبد الرحمن، الذي أستشهد في ريعان شبابه اعداما بالمقصلة فجر يوم 24 أبريل 1958، فرنسا الاستعمارية بفضل عبقريته والتزامه التام باستقلال الجزائر.
وفي إفادة لوأج، أشار الباحث في التاريخ، محمد رباح الذي عاش مع الشهيد وأعضاء آخرين من عائلة طالب، لاسيما أبيه واخوته، إلى أن طالب عبد الرحمن، المدعو بكيميائي جيش التحرير الوطني قد تخصص، بتعليمة من قادة الثورة، في صناعة القنابل بمنطقة الجزائر العاصمة المستقلة وأرهب القوات الاستعمارية آنذاك.
وبوشاية عليه، سقط الشهيد في 1957 في كمين نصبه مظليو الجيش الاستعماري الذين جعلوه يعاني من ويلات العذاب. فكل مساء، يتم تجريده من ملابسه ويدفن بالثلج حتى يغطي رأسه، ثم يتم اخراجه بعد ذلك في الصبح الباكر.
وفي يوم اعدامه في سجن سركاجي (بربروس سابقا)، قال طالب عبد الرحمن الذي لم يتجاوز آنذاك 28 سنة للإمام الذي عينته الادارة العسكرية لقراءة الفاتحة أقوالا ما تزال تثير القشعريرة: “خذ سلاحا والتحق بالجبل”. وبعد أشهر من ذلك، التحق الامام بالجبل وتوفي في ميدان الشرف.
وبالتالي، فالعبارة التي أطلقها طالب عبد الرحمن تلخص الشخصية القوية، بل التزام هذا المفكر الشاب الذي كان صدرت في حقه ثلاثة قرارات بالإعدام، حسبما أوضحه السيد رباح، صاحب كتب “السبل والرجال” و”طالب عبد الرحمن، أعدم بالمقصلة في 24 أبريل 1958″.
وقال طالب عبد الرحمن لجلاديه “يطالبون برأسي من جديد وللمرة الثالثة. لكن، يا سادة، أنت ميت من قبل، وصدقوني قرار اعدامي الثالث لن يخيفني أبدا”.
كما عايش الشهيد طالب عبد الرحمن، الذي ولد عام 1930، أي في سنة الاحتفال بمئوية الاستعمار الفرنسي في الجزائر أو ما يسميه المستوطنين “تمجيد الغزو الفرنسي”، فترة ظهور قانون الأهالي الذي خضع له الجزائريون (الشعوب المحتلة) منذ 1881.
وفي هذا الصدد، تصادف ميلاده مع تزايد الوعي لدى الجزائريين بخصوص الخيار المحتوم بضرورة النضال المسلح من أجل استرجاع استقلال البلاد.
وفي هذا الشأن، تشبع الشهيد بمثل الحركة الوطنية، مما جعله يقول “الهلاك من أجل وطني ومُثلي وشعبي ما هو إلا تضحية سامية سأنالها. والجزائر ستكون حرة تجاه وضد الكل”.
وكان الشهيد صاحب السلوك الخجل رجلا كريما، حسب محمد رباح، وسعى دائما إلى مساعدة طلاب الثانوية بحيه الذين كان يلتقيهم في مقهى تلمساني في حل لامارين (La Marine).
واستمتع أيضا بأوقات فراغه في الصيد براس المول.
و تابع طالب عبد الرحمان، خلال سنتين، دراسات الطب بكلية الجزائر العاصمة، لكن شغفه بالكيمياء حمله على التخصص في هذا المجال.
فقد اختار هذا التخصص لأجل أن يصنع قنابل و متفجرات لجيش التحرير الوطني، بحسب ابن أخيه، طالب عبد الرحمن الذي يحمل نفس اسم عمه.
مولع بالكيمياء، طالب عبد الرحمن الذي ولد بقصبة الجزائر العاصمة ، كانا والداه من مزرانة (تيقزيرت، تيزي وزو)، تعلم أيضا اللغة الألمانية لأجل أن يتمكن من تحليل تجارب صانع الصواريخ V2، فيرنر فون براون الذي صنع الصواريخ العسكرية الأولى التي لها مدى 350 كيلومتر و تصل سرعة 5800 كلم/الساعة و هي الصواريخ استعملت في قصف لندن خلال الحرب العالمية الثانية، يواصل ابن أخيه.
في الجبل، أطلق عليه رفقاء الدرب اسم مستعار محند أكلي لكي لا يجذب الانتباه، حيث كان اسمه الحقيقي معروفا من طرف القوات الاستعمارية و كان محل بحث حثيث، يقول ابن أخيه الذي كشف أن طالب عبد الرحمان كان يتبادل الرسائل مع تشي غيفارا و كان معجبا بالمقاوم السابق و رئيس فيتنام، هو شي منه.
و بعد اعتقاله و بالرغم من التعبئة على الصعيدين الوطني و الدولي لأجل أن لا يتم اعدام طالب عبد الرحمان، رفض حينئذ وزير العدل، فرانسوا ميتيران اللجوء الى العفو، حيث قام رئيس الجمهورية روني كوتي بإمضاء قرار الاعدام بالمقصلة.
يقال أن جلاد طالب عبد الرحمان المشؤوم فيرناند ميسونيي، المكلف بتنفيذ حكم الاعدام ابان حرب الجزائر، أدلى بشهاداته في مذكراته ” كلمات جلاد”، ذاكرا أنه من بين 340 شخص أعدموا، يتذكر ثلاثة حكموا بالإعدام، من بينهم طالب عبد الرحمان الذي وصفه بالشجاع.
إقرأ أيضا: الذكرى ال65 ليوم الطالب: المرحوم غبالو أحميمد مثال للوفاء و قسم الشهداء
و بخصوص طالب عبد الرحمان، كتب الجلاد في مذكراته ما يلي : ” لقد توفي بشجاعة. بل تنتابني مشاعر ندم ، لكن ستقولون لماذا، حيث أردت انقاذه.
كنت أود أن يموت اثر سكتة قلبية و أن لا أقطع رأسه و احتفظت بنظاراته كذاكرة “.
المشؤوم فيرناند ميسونيي أراد بيع نظارات البطل طالب عبد الرحمان للمزاد العلني، لكن السلطات الفرنسية منعت ذلك.
_____عبد القادر عقون